مفهوم الاستراتيجية


مفهوم الاستراتيجية

تطور مفهوم وتعريف كلمة إستراتيجية عبر مختلف عصور التاريخ العسكري وفقاً لأختلاف وتطور التقنية العسكرية في كل عصر عن

الآخر ، ووفقاً لتباين المدارس الفكرية والسياسية لكل قائد أومفكر ، ومن هنا تنبع الصعوبة لتقديم تعريف جامع  لكلمة إستراتيجية ، لأنه لايوجد تعريف موحد متفق عليه حتى الآن لهذه الكلمة ، لأن الأستراتيجية تتطور تبعاً لتطور الأقتصاد والسياسة والعلوم ، وتستفيد من أحدث ماتوصلت إليه العلوم والتكنولوجيا عند إعداد

واستخدام القوات المسلحة في الحرب . لذلك نجد أن لكل دولة خلال فترة معينة إستراتيجية عسكرية خاصة بها تتوقف على العوامل الأقتصادية والسياسية والعسكرية والجغرافية ، وأن أية إستراتيجية فعالة يجب أن تبنى على الخبرة والأستفادة من دروس الماضي وأن تصاغ وتوضع في إطار مناسب للمستقبل .

وكلمة إستراتيجية مشتقة أصلاً من الكلمة اليونانية (  Strategos ) وكانت تعني فن قيادة القوات .

واليك تعريف الإستراتيجية لمفكرين سياسيين وعسكريين من المدرستين الغربية والشرقية وكذلك لمفكرين عرب.

المدرسة الغربية

  لاوزفيتز : يعرف الإستراتيجية بأنها فن إستخدام الأشتباك من أجل هدف الحرب,

وقد عاب الكاتب العسكري البريطاني ليدل هارت  على تعريف كلاوزفيتز للإستراتيجية ومن عيوبه أنه يدخل هذه الفكرة في حقل السياسة أو في أعلى مستوى لقيادة الحرب ، وهذه أمور تتعلق بمسؤولية الدولة لابحدود عمل القادة العسكريين الذين تستخدمهم السلطة الحاكمة ليقوموا بإدارة العمليات وتنفيذها ، والعيب الآخر هو تحديده لمعنى الإستراتيجية فيما يتعلق بإستخدام المعارك فقط ، أي تكريس كل الأعتبارات والأمكانيات في الحرب للبحث عن المعركة التي تحقق الحل الحاسم بقوة السلاح .

ليتريه: هي فن إعداد خطة الحرب وتوجيه الجيش في المناطق الحاسمة والتعرف على النقاط التي يجب تحشيد أكبر عدد من القطعات فيها لضمان النجاح في المعارك

مولتكه : الأستراتيجية هي مجموعة من الوسائل التي تستخدم لإدراك وتحقيق الوصول الى غرض محدد

كراسة التدريب المشترك البريطانية الصادرة عام 1902 م تعرف الإستراتيجية بأنها فن التخطيط لحملة ما وتوجيهها، وهي الأسلوب الذي يسعى إليه القائد لجر عدوه الى المعركة

فون درغولتز : هي التدابير الواسعة التي تستخدم في تحريك القوات الى الجهة الحاسمة في أكثر الظروف ملائمة ويمكن أن يسمى علم القيادة

فوش : هي فن حوار الإرادات التي تستخدم القوة لحل خلافاتها .

ليدل هارت: هي فن توزيع واستخدام مختلف الوسائط العسكرية لتحقيق هدف السياسة وسرعان ما أدرك ليدل هارت بأن تعريفه هذا لم يحط بجميع المفاهيم المتزايدة بأستمرار في عددها وحجمها ، لذلك يرى الجنرال بيرغالوا أن ليدل هارت أضاف أخيراً الى تعريفه السابق بان التعبئة هي التطبيق العملي للإستراتيجية في مستوياتها الدنيا ، وإن الإستراتيجية هي التطبيق العملي للإستراتيجية العامة في مستوى أدنى

ريمون أرون : هي قيادة وتوجيه مجمل العمليات العسكرية ، أما الدبلوماسية فهي توجيه العلاقات مع الدول الأخرى على أن تكون الإستراتيجية والدبلوماسية تابعتين للسياسة .

أندريه بوفر : هي فن إستخدام القوة للوصول الى أهداف السياسة

ايوريه : أن محتوى الإستراتيجية والتعبئة واحد ، وأن كلمة إستراتيجية هي صفة لبعض المستويات في إدارة الحرب أو الحركات العسكرية وأن إدارة الحرب التي تقع مسؤوليتها على عاتق حكومة الوطن هي عملية إستراتيجية

بييرغالوا : هي فن المزج بين الفكرة السياسية والوسائل المتاحة لإرغام الخصم – أو الخصوم – على القبول بالغاية أو الغايات المتوخاة

أما المفهوم الأمريكي فقد عرف دليل ضباط أركان القوات المسلحة الأمريكية لعام 1959 الإستراتيجية بأنها فن وعلم إستخدام القوات المسلحة للدولة لغرض تحقيق أهداف السياسة العامة عن طريق إستخدام القوة أو التهديد بإستخدامها

بعد أن إستعرضنا جملة من التعاريف الغربية للإستراتيجية سنتناول الآن التعريف الإشتراكي لها :

المدرسة الشرقية

1- لينين : الإستراتيجية الصحيحة هي التي تتضمن تأخير العمليات الى الوقت الذي يسمح فيه الإنهيار المعنوي للخصم للضربة المميتة بأن تكون سهلة وممكنة.

2- ماوتسي تونغ : هي دراسة قوانين الوضع الكلي للحرب

3- كوزلوف : هي عملية خلق الوسائل العسكرية التي تمكن السياسة من الحصول على أهداف

4- كرازيلفكوف : إن الإستراتيجية العسكرية تعتمد مباشرة على السياسة وتخضع لها ، وخطط الحرب الإستراتيجية يتم تصميمها على أساس الأهداف التي تحددها السياسة .

5- سوكولوفسكي : تمثل الإستراتيجية العسكرية مجموعة من المعارف النظرية التي تعالج قوانين الحرب كصراع مسلح دفاعاً عن مصالح طبقية محددة . وتدرس الإستراتيجية في ضوء التجارب العسكرية والأوضاع السياسية والعسكرية والطاقات الأقتصادية والمعنوية ، وأساليب تصريف الحروب ، ووجهات نظر العدو المحتمل وأوضاع الحرب المقبلة وطبيعتها وطرائق الإعداد لها وتسيير دفتها وفروع القوات المسلحة ، وأسس استخدامها الإستراتيجي بالإضافة الى أسس الحرب المادية والتقنية وتظل في الوقت نفسه مجال النشاط العملي للقيادة السياسية والعسكرية العليا في القيادة العامة ومقرها ، والمتعلق بفن إعداد البلاد للحرب وتصريف الصراعات المسلحة في ظل أوضاع تاريخية محددة .

المدرسة العربية 

1- المدرسة المصرية : تعرف الإستراتيجية على أنها أعلى مجال في فن الحرب وتدرس طبيعة وتخطيط وإعداد وإدارة الصراع المسلح وهي أسلوب علمي نظري وعملي يبحث في مسائل إعداد القوات المسلحة للدولة واستخدامها في الحرب معتمداً على أسس السياسة العسكرية كما انها تشمل نشاط القيادة العسكرية العليا بهدف تحقيق المهام الإستراتيجية للصراع المسلح لهزيمة العدو .

2- المدرسة العراقية : تعرفها على أنها فن اعداد وتوزيع القوات المسلحة واستخدامها أو التهديد باستخدامها ضمن أطار الإستراتيجية العامة لتحقيق أهداف السياسة .

3- ويمكن تعريفها بأنها فن وعلم في تهيئة وتوزيع واستخدام القوات المسلحة أو التهديد بها لغرض تحقيق أهداف السياسة العليا .

القاسم المشترك

  من الواضح أن القاسم المشترك الأعظم بين التعريفات المختلفة للإستراتيجية هو أنها علم وفن ينصرفان إلى الخطط والوسائل التي تعالج الوضع الكلي للصراع الذي تستخدم فيه القوة بشكل مباشر أو غير مباشر من أجل تحقيق هدف السياسة الذي يتعذر تنفيذه عن غير ذلك السبيل .

القواعد العامة

 هناك مجموعة من القواعد العامة التي تحكم لعبة الإستراتيجية يمكن إيجازها في المبادئ التالية

1- قوة التحشد .

2- الحصول على المبادأة .

3- تحقيق المفاجأة .

4- الأقتصاد في القوى .

5- المحافظة على حرية العمل .

6- خفة الحركة .

7- بساطة المخطط الإستراتيجي .

8- تحقيق التعاون والتنسيق بين جميع الأطراف .

9- توحيد القيادة .

كما أن هناك ثمانية مبادئ على كل قائد عسكري أو سياسي أن يضع هذه المبادئ نصب عينيه حتى لايعطي للعدو فرصة إعادة صفوفه وترتيب أوضاعه ، وهذه المبادئ هي

1- مطابقة الهدف مع الإمكانيات .

2- الأحتفاظ بالهدف ماثلاً أمامه دائماً مع تعديل المخطط تبعاً للظروف .

3- أختيار منطقة الهجوم الأقل توقعاً من قبل العدو .

4- أستثمار خط المقاومة الأضعف عند العدو ما دام يؤدي الى هدف ينتج عن إحتلاله الوصول الى الهدف العام .

5- وضع خط عمليات يؤدي الى أهداف متناوبة .

6- مراعاة المرونة سواء في المخطط أو التشكيلة بحيث يتلائمان مع الظروف .

7- لاتلقوا بكل ثقل إمكانياتكم في عمل إذا كان عدوكم محترساً .

8- لاتجددوا الهجوم على نفس الخط أو بنفس الشكل بعد أن فشلتم في المرة الأولى .

الإستراتيجية العليا

 

تقع الإستراتيجية العليا في قمة الإستراتيجيات وتخضع مباشرة للسلطة السياسية ومهمتها التعريف بكيفية إدارة الحرب الشاملة ووضع الغايات لكل من الإستراتيجية السياسية ، والأقتصادية ، والعسكرية ، والثقافية – التي تؤلف المكونات الأساسية للإستراتيجية العليا – وتأمين التنسيق بينها جميعاً .

وتعتبر الإستراتيجية العليا من أختصاص القيادة السياسية أو رؤساء الدول والحكومات بمعاونة رؤساء الأركان العامة والمستشارين ومجلس الدفاع الأعلى .

ويستخدم تعبير الإستراتيجية العليا لشرح فكرة السياسة خلال التنفيذ وإيضاح دورها الفعال في توجيه وتنسيق جميع إمكانيات الدولة لتحقيق الأهداف الوطنية . وعليه فهي (فن وعلم تطوير وأستخدام القوى السياسية والدبلوماسية والأقتصادية والمعنوية والعسكرية للدولة أثناء السلم أو الحرب لتحقيق الغايات والأهداف السياسية .

ان مدى الإستراتيجية محدد بالحرب ولكن الإستراتيجية العليا تنظر الى ماوراء الحرب ونحو السلم الذي سيعقبه ، ولاتكتفي بتحقيق التنسيق بين مختلف وسائط الحرب فقط بل عليها أن تنظم استخدامها أيضاً بغية تجنب تقويض حالة السلم المقبلة من أجل أمن الأمة وأزدهارها .

ان على الإستراتيجية العليا أن تقدر وتضاعف الأمكانيات الأقتصادية والقدرة البشرية بقصد دعم الوحدات المقاتلة ، علاوة على دعم القوى المعنوية .

أنَّ أهمية تقوية إرادة الرجال وشخصيتهم تعادل أهمية الحصول على القدرة المادية ، وهي تتولى أيضاً تنظيم وتوزيع الأدوار والقوى بين مختلف المرافق والصناعة . كما علينا أن ندرك أن القدرة الحربية عامل واحد من عوامل الإستراتيجية العليا التي يدخل في حسابها قوة الضغط المالي أو السياسي أو الدبلوماسي أو التجاري أو المعنوي ، وكلها عوامل هامة لأضعاف إرادة الخصم .

مسالك الإستراتيجية العليا

تطبق الإستراتيجية العليا بأحد الشكلين التاليين

1- الإستراتيجية المباشرة : حيث تعتبر القوة العسكرية الأداة الرئيسة لتحقيق الأهداف الوطنية ، ولاتستثنى إستخدام عناصر القوة الأخرى الى جانب القوات العسكرية ، فالعناصر السياسية والأقتصادية والثقافية تشكل أجزاء مكملة للقوة العسكرية ومجموعها يحدد لنا مفهوم الإستراتيجية المباشرة . ويعطى عامل السرعة فيها أهمية كبرى وذلك لعدم أفساح المجال للعدو بترتيب وضعه والرد علينا وبالتالي أجباره على الخضوع لإرادتنا .

ويمكن تحقيق هذه الإستراتيجية في أحد الصور التالية

أولاً: إستراتيجية مباشرة تستهدف الحصول على النصر العسكري نتيجة الأشتباك مع قوات العدو الرئيسة المباشرة ، وقد طبق الأتحاد السوفيتي هذه الإستراتيجية في الحرب العالمية الثانية

.

ثانياً: إستراتيجية مباشرة تستهدف الحصول على النصر العسكري ليس عن طريق الألتحام المباشر ولكن بعمل يؤدي الى الأخلال بتوازن العدو وأزعاجه ومباغتته كمهاجمة مؤخرته أو أجنحته أو النقاط الضعيفة في جبهته أو قطع خطوط مواصلاته أو قطع طرق إنسحابه أو ضرب مراكز قيادته أو التقدم من إتجاهات غير متوقعة

وقد طبق الألمان هذه الإستراتيجية في الحرب العالمية الثانية ، كما طبقتها إسرائيل في عمليات عام 1948 ، و1956 ، و

1967 .

ثالثاً: إستراتيجية مباشرة تبحث في تحقيق الهدف عن طريق التهديد بإستخدام القوة ، وقد استخدمتها الولايات المتحدة في أزمة الصواريخ بكوبا

2- الإستراتيجية غير المباشرة : وهي تبحث في تحقيق الأهداف بوسائط غير عسكرية بالدرجة الأولى وبالإنهاك العسكري بالدرجة الثانية إذا أقتضت الضرورة.

أي بمعنى أنها تبحث عن الحسم عن طريق إستخدام الوسائل النفسية ، كالدعاية والإشاعة ، وتسميم السياسة والأقتصاد ، والضغط الدولي ، والتفتيت الداخلي وغيرها.

وتستهدف كذلك تدمير معنويات العدو والحفاظ على معنويات الأصدقاء ، وتستخدم أسلوب الحرب الثورية ، وتخضع لثلاث مراحل

أ- الحفاظ على الأمل وخلق الثقة بالنصر مهما طال الصراع .

ب- تثبيط همم العدو حتى يتحقق الحسم النفسي .

ت- ردع العدو ومنعه من إستخدام وسائل العسكرية المتفوقة

.

أن السبب الذي يدعو إلى إستخدام إستراتيجية غير مباشرة هو إنتظار الأنقلاب في ميزان القوى ، ويتم الحصول على هذا الأمر بإنهاك وسائط العدو ، علماً بأن وخزات الأبر المتعاقبة تضعف العدو أكثر من الصدمات الكبيرة ذات النتائج غير الحاسمة ، على أن يكون إنهاك العدو خلال هذه الوخزات أكبر من إنهاك قواتنا ، وذلك بتدمير تموين العدو أما بغارات أو هجمات محلية تؤدي الى إفناء بعض وسائطه أو تكبيدها خسائر كبيرة ، مما يدفعه الى القيام بهجمات غير مجدية ، ويجبره على اتخاذ وضع ممتد أكثر مما تتحمل قواته مع إنهاك قدرته المادية والمعنوية .

ويمكن تحقيقها بأحد الصور التالية

أولاً: استخدام الأساليب السياسية أو الدبلوماسية أو الأقتصادية لتحقيق الأهداف (27) وقد طبقها هتلر عند أحتلاله النمسا وتشيكوسلوفاكيا

ثانياً: اللجوء الى أسلوب حرب العصابات طويلة الأمد ، كما حدث في الجزائر وفيتنام

ثالثاً: فتح جبهات ثانوية في أرض العدو أو في أقاليم دول تابعة أو مؤيدة له بعيداً عن جبهة القتال الرئيسة ، وقد طبقت بريطانيا هذه الإستراتيجية في الحرب العالمية الثانية بفتح جبهة شمال أفريقية

رابعاً: إثارة الفتنة داخل دولة العدو بحيث يؤدي الى إقتتال مواطنيه وأضعافه من الداخل  وهذا ما طبقته إسرائيل في لبنان لغرض ضرب الحركة الوطنية والثورة الفلسطينية

خامساً: الإستيلاء على هدف جزئي بسرعة كبيرة بفضل المباغتة وتفوق القوات ثم التظاهر بالتوقف قبل القيام بعملية أخرى ، ثم تكرار ذلك بصورة متتالية (30) وقد طبقت اسرائيل ذلك عام 1948 بعد الهدنة الأولى  .

طبعاً يكون العامل النفسي في الإستراتيجية  غير المباشرة مسيطراً وسائداً كما تزداد أهمية عامل الوقت الى حد كبير ويتقلص عامل القوة فيها ، إلا أنه يبقى ماثلاً .

نماذج إستراتيجية

وضع الخطة الإستراتيجية حسب الأمكانات المتيسرة للخصمين وبموجب أهمية سبب وهدف النزاع وإليك هذه النماذج

1- إذا كانت قدراتنا قوية جداً أو أن الصدام المتوقع يؤدي الى إستخدام أمكانات دول حليفة قوية وكان سبب النزاع صغيراً ، فأن مجرد التهديد بهذه الوسائل كافياً لأجبار الخصم على قبول الشروط المفروضة عليه أو جعله يتراجع عن إدعاءاته وتطلعاته وهذا ماحدث عندما هدد الأتحاد السوفيتي بضرب لندن وباريس بالصواريخ أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 .

2- إذا كان سبب النزاع صغيراً وكانت الأمكانات محدودة لاتحقق تهديداً فعالاً ، فأن الحل الحاسم يتم من خلال أعمال مخادعة وضغوط سياسية ودبلوماسية وأقتصادية ، وهذا ما استخدمه هتلر حينما ألغى أتفاقية التعويضات وإعادة تسليح الجيش الألماني .

3- اذا كانت حرية العمل العنيف محدودة والوسائل المتيسرة محدودة أيضاً وكان الهدف كبيراً ، فأن تحقيق النتيجة الحاسمة يتم بسلسلة من الأعمال المتعاقبة بقوات محدودة وعمليات محلية تتخللها أعمال ضغط مباشر وغير مباشر وهذا ماحدث في فيتنام مؤخراً .

4- اذا كان مجال حرية العمل العنيف كبيراً ولكن الوسائل المتيسرة ضعيفة لاتكفي للحصول على نتيجة عسكرية حاسمة ، عندئذ يمكن اللجوء الى إستراتيجية الصراع طويل الأمد الذي يرمي الى إستنزاف العدو وانهاكه مادياً ومعنوياً بحرب شاملة تعتمد على حرب عصابات عامة في كل مكان ، ويستخدم هذا في حروب التحرير كما حدث في ثورة الجزائر .

5- اذا كانت القدرة العسكرية قوية بشكل كاف فأن النتيجة الحاسمة تتم بالعمل العسكري الذي يتخذ شكل صراع عنيف قصير الأمد يؤدي الى تدمير القوى المعادية في ميدان المعركة أو إحتلال كل أو بعض أراضي الخصم لأجباره على قبول الشروط المفروضة عليه وهذا ما حدث في عدوان حزيران 1967 .

وأخيراً هذه النماذج لاتشمل كافة نماذج الإستراتيجية ، وأن أختيار النموذج الصحيح عملية تتطلب تقدير موقف مفصل يتضمن دراسة وتحليل كافة العوامل العسكرية والجغرافية والسياسية والنفسية والعقلية لدى الخصمين ثم التوصل الى النموذج الملائم للحالة المطلوبة .

بعد أن انتهينا من مفهوم الإستراتيجية والإستراتيجية العليا يمكننا الآن من وضع الخطوط الرئيسية لإستراتيجية المعارضة في الوقت الحاضر

الإستراتيجية السياسية : تقوم المعارضة بعدة مشاريع في الوقت الحاضر وتسعى لتحقيق الباقي في المستقبل القريب منها

1- تحرك المعارضة في الخارج على المحورين الأقليمي والدولي بتصعيد مختلف أشكال الضغط السياسي على النظام العراقي .

2- فضح النظام في سجله الأسود حول حقوق الإنسان في العراق .

3- حضور دائم للمعارضة في المحافل الدولية والمؤتمرات لفضح مايقوم به النظام في الداخل.

4- تضييق دائرة تحرك النظام من خلال مطالبة المعارضة الأمم المتحدة بإنشاء جيب آمن في الجنوب مثلما موجود في الشمال .

5- تفعيل مشروع محاكمة صدام حسين ونظامه كمجرمي حرب .

6- تسعى المعارضة بتشكيل حكومة في المنفى تحضى باعتراف ومساندة إقليمية ودولية لإحداث تغيير في العراق .

7- تمسك الأكراد بإقليم كردستان في الشمال والثبات فيه والدفاع عنه وتأسيس إدارة محلية على أرضه .

الإستراتيجية العسكرية : وتقوم المعارضة بالأعمال التالية

1- الهجوم على أهداف محدودة بأستخدام عنصر المباغتة .

2- القيام بعمليات التعرض والتخريب بصورة تكاد تكون مستمرة .

3- خلق جو من التوتر الى أجهزة النظام وخصوصاً في المنطقة الجنوبية والمجاورة للمنطقة الآمنة في الشمال لأبقاء أجهزته الأمنية والعسكرية مرهقة وخلق شعور لديها بأنها معرضة دائماً للهجوم .

4- توسيع قواعدها المتحركة داخل العراق واستخدام الحرب النفسية بالدرجة الأولى.

5- ادخال شباب الجالية العراقية الموجودة في الخارج في دورات عسكرية لتهيئتهم وألحاقهم بالثوار .

6- الأعتماد على الحركات الليلية وتنفيذ عمليات هجوم ضد أجهزته الأمنية والعسكرية .

7- توسيع وتطوير قواعدها العسكرية خارج العراق .

الإستراتيجية الإعلامية : ولديها

1- الوسائل المطبوعة: أصدار الصحف والمجلات والكتب والنشرات واللافتات والملصقات .

2- الوسائل المرئية : وتشمل المعارض والمهرجانات والندوات والمسرحيات ….وغيرها .

3- الوسائل الصوتية : الإذاعة وماتبثه من برامج مختلفة وأناشيد وطنية ولقاءات ومحاضرات   وأحاديث …….الخ.

4- الوسائل الصوتية المرئية : التلفزيون وكذلك الأستفادة من الأقمار الصناعية الموجهه الى  العراق سواء منها العالمية أو العربية من خلال اللقاءات والحوار والمناقشات وغيرها.

5- المؤتمرات الصحفية وما يتخلل هذه المؤتمرات من حديث عن جرائم النظام ومايقوم به من ظلم ضد الشعب العراقي .

6- الأجتماعات وتعقد حسب المناسبات المختلفة .

7- المؤسسات المختلفة : الأستفادة من تجمع الناس في المساجد والحسينيات والمدارس والمؤسسات الثقافية والرياضية في تعليمهم وتثقيفهم وإطلاعهم على جرائم النظام بحق شعبهم ووطنهم .

8- تأسيس وتنفيذ قناة فضائية مستقلة خاصة بالمعارضة .

الهوامش

 

1- كلاوزفيتز – عن الحرب – المؤسسة العربية للدراسات والنشر-ترجمة سليم شاكر الإمامي– ص175 و245 – بيروت – 1997 م .

2- ليدل هارت – الاستراتيجية وتاريخها في العالم- ص397 ترجمة الهيثم الأيوبي – دار الطليعة – بيروت – الطبعة الاولى –1967م .

3- ليتريه (1801-1881) فيلسوف وعالم لغوي فرنسي .

4- ادور ميد ايرل – رواد الاستراتيجية الحديثة – الجزء الثالث – ص231 –مكتبة النهضة المصرية – ترجمة اللواء الركن محمد عبد الفتاح ابراهيم – 1956م .

5- الجنرال باليت – اصول المعرفة العسكرية – ص35 – الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر – ترجمة مصطفى الجمل – 1971م .

6- كولمار فرايهر فون درغولتز – جنرال الماني شارك في الحرب العالمية الاولى – توفي في العراق ودفن في بغداد .

7- اكرم ديري – آراء في الحرب – ص27 – دار اليقظة العربية – 1972م.

8- ليدل هارت – الاستراتيجية وتاريخها في العالم – ص399 .

9- الجنرال بيير غالوا – استراتيجية العصر النووي – ص6 – ادارة التوجيه المعنوي في الجيش السوري – ترجمة العقيد الركن محمد سميح السيد – 1968م .

10- ريمون ارون كاتب عسكري فرنسي .

11- الجنرال بوفر – مدخل الى الاستراتيجية العسكرية – ص28- دار الطليعة – ترجمة اكرم ديري والهيثم الأيوبي – الطبعة الثانية – 1970م.

12- ايوريه – جنرال فرنسي معاصر كان قائداً عاماً للقوات الفرنسية.

13- الجنرال بيير غالوا – المصدر السابق – ص8 .

14- اكرم ديري والهيثم الايوبي – نحو استراتيجية عربية موحدة – دار اليقظة العربية – ص27 و 28 .

15- ليدل هارت – نظرة جديدة الى الحرب – ص25 – الدار القومية للطباعة والنشر- ترجمة اكرم ديري – 1965م .

16- ماوتسي تونك – ست مقالات عسكرية – ص9 – دار الشعب للنشر – بكين – الطبعة الاولى – 1968م .

17- العقيد كوزلوف – ضابط سوفيتي .

18- الجنرال كرازيلفكوف – ضابط سوفيتي- مجلة السياسة الدولية – موضوع الاستراتيجية السوفيتية في العصر النووي – للدكتور اسماعيل صبري مقلد – العدد 7 – 1967 – ص35

19- المارشال سوكولوفسكي- ضابط سوفيتي كان رئيساً للأركان العامة للقوات المسلحة السوفيتية – الاستراتيجية العسكرية السوفيتية – ص46 – عالم الكتب – بيروت – ترجمة خيري حماد .

20- محاضرات الاستراتيجية العسكرية لكلية الحرب العليا – ص12 .

21- احمد داود سليمان – نظريات الأستراتيجية العسكرية الحديثة – ص42 – الطبعة الاولى – 1988م .

22- الموسوعة العسكرية- ج1 ص67 – المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت – 1981م .

23- ليدل هارت – الاستراتيجية وتاريخها في العالم – ص413 .

24- ويطلق عليها عدة تسميات أخرى كالأستراتيجية العظمى ، أوالعامة ، أوالشاملة ،     أوالكبرى ، أو الوطنية ، أو القومية وذلك حسب رأى المدارس الفكرية لدول العالم .

25- كما عرفها ليدل هارت في كتابه : الإستراتيجية وتاريخها في العالم – ص400 (هو توجيه وتنسيق كل امكانيات البلاد أو اعضاء الحلف بغية الحصول على الهدف السياسي للحرب ).

26-الدكتور محمد فاروق الهيثمي – في الإستراتيجية الاسرائيلية-منظمة التحرير الفلسطينية- مركز الابحاث – 1968 – ص50 .

27-اللواء محمد جمال الدين محفوظ – المدخل الى العقيدة والاستراتيجية العسكرية الاسلامية – الهيئة المصرية العامة للكتاب – 1976 – ص97 .

28-الدكتور بطرس بطرس غالي – الابعاد الجديدة للأستراتيجية الدولية – مجلة السياسة الدولية – العدد / 5 –1966 – ص89 .

29-المصدر نفسه – ص90 .

30-الجنرال بوفر – مدخل الى الاستراتيجية العسكرية – ص167-170 .

31-نفس المصدر – ص35-40 .

أترك رداً